العصبيات القبلية والوطنية

سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات، ثلاث أماكن يتعلق قلب المسلم فيها تعلقا، مرتبطا بهذا الدين، مكة المكرمة ومدينة رسول الله ومدينة القدس مسرى رسول الله،
مكة المكرمة
فيها قبلتنا الأولى، وفيها مناسكنا من حج وعمرة، وهناك نزل الأمين بالرسالة من السماء على الأمين، هناك مشى رسول الله عليه السلام بين شعابها هو وخير بشر بعد الرسل صحابته رضوان الله عليهم جميعا وهم يخافون أن يتخطفهم الناس هناك الصلاة بمائة ألف صلاة.
مدينة رسول الله
هناك مسجد رسول الله عليه السلام، وهناك قبر سيد البشر وصاحبيه الصدِّيق والفاروق، وهناك مشى سيد البشر وصحابته أعزاء في دولة الاسلام، هناك الصلاة بألف صلاة.
مدينة القدس أو بيت المقدس
فيها المسجد الأقصى هناك حيث صلى عليه السلام في الأنبياء هناك حيث أسري بسيد البشر هناك تحركت الصخرة تريد اللحاق برسول الله هناك صلى عمر ركعتين بعد فتحها هناك الصلاة تعدل 500 صلاة.
كل قلب لا يحِنُّ لهذه الأماكن الثلاث، حنينا عقديا مرتبطا بنصوص الكتاب والسنة، فهناك خلل ما يشوب نفسه.
النقاط على الحروف
من كان حنينه للاسكندرية في مصر الحبيبة أو غيرها مثلا، أشد من حنينه لتلك الأماكن الثلاث فليراجع نفسه، نعم نحنُّ لأرحامنا بلا حدود، نحن لأبنائنا بلا حدود، نحن لأخوتنا بلا حدود، نحن للوالدين بلا حدود.
لكن لا يجوز أن نحنَّ لقرية أو مدينة وُلدنا فيها، أكثر من حنيننا لتلك الأماكن الثلاث.
لكن من يحن لمدينة لم يعش فيها ولم يولد فيها، بل حنين الوطنيات والعصبيات القبلية، والتي زرعت في وجدان كثير منا على غفلة من الوعي، فإن هذا الحنين يشجعه أعداء الأمة، وينهى عنه الاسلام.
فأنا لم أدخل طنطا بمصر الحبيبة في يوم من الأيام، ولكن أن تكون طنطا عزيزة علي أكثر من حلب مثلا، لأني مصري بلغة العصبيات القبلية، فهذا هو "دعوها فإنها منتنة".
أنا من قرية اسمها رمّون بفلسطين الحبيبة، ولا أعرف مدينة طولكرم بفلسطين الحبيبة مثلا.
أحن لأرحامي ووالدتي وأخوتي في رمون، لكن لا تخطر طولكرم على ذهني، إلا بعدد جرائم اليهود ومن والاهم فيها.
لكن تقفز بغداد إلى ذهني ألف مرة ومرة أكثر من رمون الآن، لجرائم الشيعة غير المتصورة في بغداد.
وتقفز دمشق وحلب وحمص إلى ذهني، ألف مرة ومرة أكثر من رمّون الآن لشدة جرائم الشيعة هناك.
وتقفز القدس إلى ذهني ألف مرة أكثر من رمون الآن وذلك لأن مسرى رسول الله في الأسر ويهود كل يوم يدنسوه ويعيثون فيه فسادا.
نموذج أصحاب رسول الله
 صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنهم
صحابة رسول الله عليه السلام وعليهم رضوان الله هم من انتقل من جاهلية جهلاء إلى الاسلام هم من يعرف قبل الاسلام تعلق الانسان بالمكان، ورغم ذلك تركوا مكة وتركوا المدينة، وساحوا في الأرض يحملون هذا الدين للعالم، وها هي قبورهم تملأ بلاد الشام وتملأ الآفاق خارج مكة والمدينة.
هذا أمين هذه الأمة في الأغوار، وهذا سيف الله المسلول في حمص، وهذا أبو أيوب الأنصارى في استنبول، وهذا الشافعي في غزة هاشم، وهذا وهذا وهذا.
والله لا أحن لنابلس إلا كمدينة مسلمة مغتصبة من قبل يهود، ولا أحن لمراكش وليس لي فيها أرحام، ولا أعرف من القدس إلا مساحات الأقصى، لكنها في عقلي وسمعي في كل حين أنا كمسلم، أنا لا أعرف غزة، ولكنها في كل اعتداء لليهود هي في عقلي وسمعي أنا كمسلم.
وحيث أن جرح دمشق وحلب وحماة وحمص وبغداد والفلوجة، هي جروح نازفة منذ سنوات ولم يتوقف النزف، وكل يوم يقوم الشيعة بجرائم لا تخطر على بال بشر، فإن مدن المسلمين هذه هي في ذهني في كل حين أنا كمسلم.
إن الشيطان يأتي للمسلم من ألف باب وطاقة وشباك، يقنعه فيها ويوسوس له منها، أن حب الوطن من الإيمان، وأن الدين يحض على حب الوطن، ويأتيه بألف صورة مهزوزة، وألف قول ملفق. "نعم حب وطنك لكن تذكر أن وطنك هو الإسلام".
وقد نجح ابليس كثيرا مع غير الواعين، تجده يصلي ويصوم بل وقد يكون ممن يقرأ القرآن، لكنه مستعد أن يقاتل عصبية، ويرفع راية عصبية، ويغني غناء عصبية.
أما المسلم الواعي، فإن أرض الاسلام كلها عزيزة عليه، يتميز منها الأماكن الثلاث التي جاءت النصوص بمكانتها، "مكة والمدينة وبيت المقدس" ويتميز منها من يمر بمحنة احتلال كافر لها.
نسأله تعالى أن يشهدنا يوم فتح بيت المقدس، وأن ينصر كل من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا.
فلا بأس من حب الوطن وحب القبيلة لكن ليس على حساب الدين وحساب الأمة فالأمة والدين في المقام الأول ثم القبيلة والدولة... الدين أولا ثم أي شئ بعده.
د. رشدي خليل –  بتصريف

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال