الفرق بين حياتنا الوهمية وحياتنا الواقعية؟!

(1)
فيلم عوالم من الوهم "THE TRUMAN SHOW" 
أحد أشهر أفلام الممثل الكندي الأمريكي "جيم كاري" عام 1998، فيلم   "ترومان شو" أو  “THE TRUMAN SHOWفكرة الفيلم عجيبة جدا، شاب يعيش في مدينة صغيرة، يتعرض لمواقف عادية، وأخرى غريبة، لنكتشف أنه عرضة للظهور في برنامج "كاميرا الواقع" الذي ينقل كل تفاصيل حياته من خلال كاميرات مركبة في أماكن كثيرة، ويقوم مخرج البرنامج أحيانا في التدخل في حياته بشكل سافر ليجعله دوما في هذا العرض المستمر، حتى أنه كان يتحكم أحيانا في الطقس الذي يحيط بهذا الشاب، وكان يمنعه من السفر خارج المدينة بكل الطرق، هذا البرنامج كان يشاهده على الشاشات كل سكان المدينة الصغيرة.
وعندما يكتشف هذا الشاب الأمر في النهاية يتخذ قراراً حاسماً بالخروج من هذا العالم الزائف الوهمي إلى البراح وإلى حياة أخرى واقعية، يستطيع توجيه حياته فيها، كأي إنسان عادي.
(2)
ويبقى السؤال الآن، ما الفرق بين حياتنا الوهمية وحياتنا الواقعية؟، ومن الذي يدفعنا للحياة الوهمية ويحرص دوما أن نظل بداخلها، ولا نخرج منها أبدا؟!.
إنهم مجموعة من المجرمين ومن شياطين الإنس والجن، وبعضهم من حسني النية المغيبين، وبعضهم من الحقودين الكارهين للإسلام والمجاهدين إنهم فئات مختلفة، يتفقون في أمر واحد هو دفعهم لنا في اتجاه "دعكم من الأمر الواقع، وتعالوا إلى عالمنا الوهمي، الذي نراه نحن الواقع الوحيد".
تعالوا معا ننظر في هذه العوالم، ونحذر منها فأمرها جد خطير، قد يذهب بنا إلى ضياع الدنيا، قبل أن يستقر بنا في هاوية الآخرة، عافانا الله وإياكم.
(3)
المُخرج الأول والمنتج لعوالم الوهم في حياتنا كمسلمين هم الحركة الصهيونية والصليبية بأجهزتهما المخابراتية والعسكرية وإعلامهما ومؤسساتهما والخونة من بني جلدتنا في الداخل والخارج هذه الجهات كما في الفيلم ليست فقط تضعنا في عالمها الوهمي، لكنها أيضا تتحكم في مساراتنا قدر الإمكان، وتحيط بنا بقبة زجاجية تسعى لأن نظل بداخلها دوما هذه العوالم الوهمية هي مجموعة من الأفلام والمسلسلات والمباريات والأخبار والبرامج، نعيش معها أوقاتا طويلة مقتطعة من حياتنا، لتصدنا عن حياتنا الحقيقية، التي يريدها الله لنا من عبادة وطاعة وعمران للأرض ونشر لدعوته ومجاهدة لأعدائه.
وفي الوقت الذي يريد الله لنا أن نفيق من غفوتنا فنثور ضد طواغيت الأرض، وضد هذا العالم الوهمي، يضطر المخرج للتدخل بقوته الخشنة – وليست الناعمة - ويحاول تغيير الأحداث بالقوة، فتحدث الانقلابات والمجازر والتدخل العسكري المباشر وغير المباشر ولدينا نماذج كثيرة في أفريقيا وفي دول أسيوية كثيرة.
فنصبح أمام مفاصلة وحرب ضروس واضحة المعالم بين إنسان يريد أن يحيى حياة كما أرادها الله له أن تكون، وبين طواغيت وآلهة تأبى أن يتحرر هذا الإنسان من عبوديتها، ويخرج من عالمها الوهمي.
لذلك كانت كلمات سيدنا "ربعي بن عامر" لرستم كسرى فارس، كلمات واضحات نافذات للعمق  "لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة".
وهم ضيق العيش
عالم وهمي آخر يمس حياتنا الواقعية بشدة، هو عالم من ضيق العيش وصعوبة في الحصول على أبسط متطلبات الحياة من توفير لإسطوانة الغاز وصعوبة في المواصلات والانتقالات وإتمام أي معاملة مع الجهات الحكومية، وإذلال في أقسام أو مخافر الشرطة وقتل بطيء في المشافي الحكومية، وقتل للعقل والنفس والأخلاق في مدارس دولنا.. وهكذا.
هذا العالم الوهمي يناطح العالم الحقيقي الذي يفترض ان نعيشه فيطحنه ويخرجنا منه، ليضعنا في قبتهم الزجاجية.
وهم الإيمان
فئات أخرى تحاول دفعنا قسراً نحو عالمها الوهمي الأكثر خطورة، عبر إعلام عميل ووسائل التواصل الاجتماعي المخترقة والمواجهة، وهم يبدؤنا لك كأنهم شركائك وإخونك ويردون مصلحتك ومصلحة الجميع.
بعضهم من دعاة الليبرالية والاشتراكية والمسمون بشباب التغيير، يجتهدون في دفعك بعيدا عن إطارك الإسلامي والإيماني في نهجك شبابي جديد بعيدا عن الرجعية والتخلف كما يقولون، فتجدهم دوما يربطون بين "فشل المجاهدون في أي ميدان" و "نجاح أهل الكفر أو الخونة" بحماقات المجاهدون مدعين في شعار فاجر فج أنهم "هم الحل" وأنهم هم من سيحملون الرآية ويقودون العالم، مدعومين في ضغطهم الإعلامي بإعلام عميل لرجال الأعمال وحماقات إعلامنا الذي بدأ يستضيفهم على شاشته ويلمعهم.
وهم الخلافة
البعض الآخر من الجبناء ساكني مواقع التواصل، لا ينفكون يجرونك لعالمهم الوهمي من "خلافة إسلامية" يقودها شخص ما في مكان ما من العالم، ليقنعونك أن هذا العالم الوهمي هو الحقيقة الوحيدة، لاحظ أننا نقول أنهم الحقيقة الوحيدة والمطلقة وأن جميع المجاهدون دونهم ما هم إلا حمقى أو عملاء أو جبناء، لا يقدرون على شيء سوى السير في ركب الطغاة ووفق مسارات مرسومة لهم سلفا،  وهم بهذا يسعون لإخراجك من مسارك الذي اخترته وفق إمكانياتك ووفق فهمك، والذي يؤتي ثماره يوما بعد يوم، غير أن انتصارات رجالهم السريعة في بعض الجبهات، وتقدمك البطيء في جبهاتك الداخلية، هو السند الأساسي لترهاتهم اليومية على مواقع التواصل، والتي تفرغوا فيها للهجوم على كل ما يقوم به غيرهم.
عالم آخر وهمي يحرص الكثير ممن نحسبهم مخلصين من اتباع قيادات سياسية أخرى اسلامية وغير اسلامية، وغيرهم من مناهضي الظلم والفساد ويريدون الحق، والذي دفعهم إعجابهم برأيهم أو جبنهم عن المواجهة إلى أن يدوروا كل يوم في فلك من المثبطات ومن الهجوم المستمر على من يعملون في الميدان، فنجد البعض يظل يدور للماضي وسلبياته ولا ينظر للمستقبل.
التدين الزائف والشعوب المتدينة
عالم آخر حقير من الوهم يريدوننا أن نعيشه معهم، عالم التدين الزائف، فكثير من أصحاب السنن الظاهرة من لحية وجلباب قد اتبعوا شيوخ يعملون لحساب الآمن في بلادهم وربما بلاد غير بلادهم والجهات المخابراتيه، أو شيوخ الفضائيات المنتفوعون والذين يدرون في فلك السلطة الفسادة والخائنة، أو شيوخ الأضرحة، او حتى شيوخ الزوايا والدين "الوسطي" الجميل، حتى قالوا عن شعوبنا أنها شعوب متدينة بطبعها، فتجد الكثير منهم يخرج من المسجد ليجلس على المقهى يدخن الشيشة ويتابع الراقصات ويسب دين الله ويعيش داخل الحائط، لا يرد ظالما ولا يغير واقعا، أو تدين الطواف حول الأضرحة والابتداع والتسبيح على سبحة تعد المليون أو تدين المخبرين أصحاب اللحى الذين يرشدون عن إخوانهم المجاهدون، أو تدين مجالس العلم الجوفاء التي تتحدث عن فقه الطهارة والصلاة، والعقيدة الطحاوية وتوحيد الأسماء والصفات، دون أن يكون لذلك واقعا في حياتهم، غير ألفاظ تعلموها، لا لشيء إلا ليخرجوها من جوفهم في وجوه محدثيهم، يتباهون بها عليهم، ويدورون يجرونها أينما ذهبوا كالثور الذي يدور حول الساقية ،لا يفعل شيئا سوى الدوران ثم الدوران ثم الأكل والشرب والإخراج ..... ثم الدوران.
اليأس والإحباط قمة الواقعية والعقلانية
والبعض الآخر من مدعي الحكمة وتقدير الأمور يرون في اليأس والإحباط قمة الواقعية والعقلانية، ويرون مانحن فيه من أمل ومثابرة على الجهاد أي كان نوعه ضرب من الجنون ونطح في الصخر، ويرون هذا الطريق – رغم مكاسبه البسيطة – لا يوصل لشيء، على الرغم أن طريق الحركة المجاهدة بدأت بالتدريج وكان طريقها طويلا جدا، إلا أنه يرى القعود والتنظير والتثبيط هو العالم الحقيقي، وما نحن فيه عالم من الوهم.
خاتمة عيش الواقع ودعك من الوهم
ختام أقول نحن من نعيش العالم الحقيقي يا سادة ، كامل الاحترام لأي مخلص شاءت له الظروف ان يكون في أحد هذه الفئات.
نحن من نعيش الواقع، واقع الجهاد، واقع رد الظلم ومجاهدة أعداء الله، واقع الدين كما تعلمناه، كامل شامل لا ينقص منه شيء، واقع الجنة والنار وليس واقع الدنيا الزائف الذي سرعان ما سينقضي خلال أيام، فنجد الله بعد انقضاءها فيوفينا حسابنا.
واقعنا يا سادة هو وعد النبي لسراقة بسواري كسرى وهو مطارد لا يأمن على نفسه.
واقعنا هو وعد النبي للصحابة بمفاتيح كسرى والشام واليمن، أثناء حفر الخندق في أحلك اللحظات التي مرت على الامة الاسلامية.
حياتنا أيها السادة ليست وهمية كحياتكم، حياتنا هي الحياة التي قال عنها الله عز وجل "يا ليتني قدمت لحياتي" واقعنا يا سادة سنعيشه لله، وسنموت فيه لله، أما واقعكم البئيس فاحيوه وحدكم  فلنا حياة واحدة لن نجازف بها ولن نفرط فيها.

إيهاب على 

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال