قلوب تركلها الأقدام؟ .. بين الكرة والسياسة!

بينما كان عشرات الآلاف من الأرجنتينيين يملؤون استاد مونومينتال عام ١٩٧٨ وتتعالى صرخاتهم وتشجعياتهم في نهائي كأس العام الذي نظمته الأرجنتين حينها، كان هناك أيضًا على بعد كليومترات قليلة عشرات الآلاف من الشباب الأرجنتيني يعذَّب ويُقتَل ويُشرَّد في أبشع سجون عرفتها القارة اللاتينية.
كان هذا بعد سنتين من وصول (فيديلا) للحكم عبر إنقلاب عسكري أطلق بعده يده الباطشة لتقتل وتعذب وتخطف وتسجن وتخفي كل من تسول له نفسه مواجهته والوقوف أمامه.
لجأ (فيديلا) وبتنسيق أمريكي كشفت عنه بعض الوثائق مؤخرا للخادعة المستديرة كوسيلة لإلهاء جموع الشعب الأرجنتيني وإدخاله في دوامات مخدرة كي يتعامى ويتناسى جرائمه التي طالت قطاعات ضخمة من الشعب الأرجنتيني؛ وصارت هذه البطولة التي نظمتها الأرجنتين أسوأ مثال تاريخي في استغلال الرياضة سياسيا، وهو ما دفع بعض العقلاء حينها للدعوة لمقاطعة هذه البطولة، والدعوة للارتقاء قليلا من قاع التغييب والجهل للوقوف على حقيقة واقع مرير تعيشه الأرجنتين النازفة حينها، على الأقل احتراما للمفقودين، ولكن - كالعادة - لم يسمع للعقلاء أحد!!مستشفى القعلاء
وُصفت فترة حكم فيديلا بأنها فترة سوداء، لكن ظل أسود ما في هذه الفترة هو مشهد صرخات الآلاف من الأرجنتينيين داخل المدرجات وخارجها بينما كان كان العجائز من أمهات المفقودين من الشباب الأرجنتيني يبكين وهم سائرات في شوارع الأرجنتين حاملات لصور أبنائهن دون أن يلتفت إليهن أحد، حتى اضطررن للوقوف أمام قصر الطاغية فيديلا نفسه!!

خلّد تاريخ الأرجنتين ذكرى هؤلاء الأمهات اللاتي تسببن بعد ذلك في إزاحة فيديلا من الحكم، بينما مازال نفس التاريخ يبصق على تلك المدرجات والشوارع التي جمعت فئات من المغيبين والحقراء الذين كانوا يتراقصون لأجل دخول جلدة مستديرة مملوءة بالهواء داخل شباك منصوبة في ملعب أخضر، ومازال السؤال قائما منذ هذا التاريخ وحتى اليوم: أيهما أكثر امتلاء بالهواء قلوب هؤلاء أم تلك الجلدة؟؟ وأيهما أكثر وضاعة تلك الجلدة التي تركلها الأقدام، أم قلوب هؤلاء المشجعين التي كانت تُركل بأقدام نظام عسكري غاشم ويداس عليها في اليوم ألف مرة؟!! مستشفى القعلاء

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال