هل أنت مثقفٌ كما تدعي؟!

من الصعب جدا أن يعترف أحدنا أنه جاهل...
فهذا حال الكثير منا لذلك تظهر معالم هذا الجهل في حواره وكلامه وصدق من قال: "تحدث حتى أعرفك..." وبالتأكيد هناك فرق بين الجهل والأمية... فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أمي (لا يقرأ ولايكتب) لكنه لم يكن جاهلا صلى الله عليه وسلم فليس شرطا أن كل من تخرج في  جامعة ما أو حصل على الدكتوراه والشهادات الدولية واللغات العالمية أنه مثقف أو صاحب علم وجهبذ.
فهيا بنا نقرأ هذه السطور عسى أن نستفيد بها فربما تضعنا على الطريق الصحيح:
المسلم الناجح لا يخرج عن كونه أحد الرجلين:
الأول: واع حافظ يقوم بتبليغ ما وعى وما حفظ.
الثاني: واع فقيه لهذا العلم يقوم بتبليغه ونشره وهو أعظم درجة من الأول، فهو في هذه الحال ليس وعاء للعلم فقط، بل هو يفقه ما يحفظ، ثم يدعو إلى الله تعالى على بصيرة ونور، قال جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] والبصيرة كلمة عامة واسعة تتناول معاني عديدة، ومن معانيها: عقيدة القلب، والفطنة والفراسة، والحجة واليقين والاستبصار في الأمور.
فأي إنسان نوى أو أرد أن يتحدث ينبغي أن يتحرك على بصيرة وعلم ولا يحركه هواه، لذلك فإن هناك أنواعا متعددة من الثقافة التي تلزم المتصدر للحديث، وتحقيق الهدف المقصود منها لا يبعد أن تنضوي تحت مفهوم البصيرة، ومن هذه الثقافات اللازمة:
1- الثقافة اللغوية.
2- الثقافة الشرعية.
3- الثقافة العامة.
1- الثقافة اللغوية:
الثقافة اللغوية، وأدنى الكمال فيها أن يكون كلامك سليما من الخطأ، صحيحا فصيحا، وينبغى أن تعلم أن  اللغة وعاء للفكر والفكرة.
فإذا كانت لغتك ركيكة، وأسلوبك غير صحيح... فكيف تستطيع أن تفسر الكلام وتعرف المقصود منه والرسالة التى يحويها.
قال ابن حبان: الفصاحة أحسن لباس يلبسه الرجل، وأحسن إزار يتزر به العاقل. . . ولا يكون سيان عند ذوي الحجا رجلان: أحدهما يلحن والآخر لا يلحن.
 (وقال ابن هبيرة "وهو أديب فقيه" في الذي لا يلحن: إنه يقرأ كتاب الله على ما أنزل، والذي يلحنيحمله لحنه على أن يدخل في كتاب الله ما ليس فيه، ويخرج منه ما هو فيه. وقال عبد الرحمن بن مهدي "أحد أئمة الحديث وحفاظه الأعلا" ما ندمت على شيء ندامتي أني لم أنظر في العربية).
ولن يحصل هذا الرصيد اللغوي والأدبي إلا من خلال:
1- صلة وثيقة بكتب الأدب واللغة، وما تضم من أساليب البيان.
2- الحوارات الأدبية، وما تشتمل عليه من رجاحة الأحلام، وصحة العقول، وبلاغة الألسنة، وظهور الحجة، وثبات الجنان، وجودة القريحة وغير ذلك مما يعظم أثره، ويطول ذكره.
وكذلك ما تشتمل عليه هذه الكتب من ذم للتشدق المتكلف، والتقعر، والعي، وكثرة الحركة، والنحنحة، وعيوب اللسان والأساليب، وغير ذلك.
فلا تستغني عن النظر في أمهات الكتب مثل: كتاب النوادر لأبي علي القالي وعيون الأخبار لابن قتيبة، وروضة العقلاء لابن حبان، وأدب الدنيا والدين للماوردي، وغير ذلك من أشعار الحكمة، والأخلاق، كأشعار علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشعر الإمام الشافعي، وديوان الحماسة، ومختارات البارودي، وأشعار العلماء المبثوثة في تراجمهم وسيرهم، فإن كتب التراجم من أعظم مصادر الإمداد الثقافي والخلقي التي لا ينبغي إغفالها.

ومن المؤلفات المعاصرة سلسلة: صور من حياة الصحابة، وصور من حياة التابعين للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا رحمه الله، وغير ذلك.
2- الثقافة الشرعية:
وتتنوع إلى أنواع، فمنها ما هو ألزم كفقه العقيدة، وأصول الإيمان، والتوحيد بأنواعه الثلاثة.
فهل تعرف ما هي نواقض الوضوء وفرائضه وسننه؟ هل تعرف أصول الإيمان؟ هل تعرف أنواع التوحيد؟ هل تعرف سيرة نبيك وتاريخ أمتك؟ هل معك من القرآن شئ هل تعرف أحكام تجويده؟
لطفة:
قال ابن الجوزي: "رأيت الاشتغال بالفقه، وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب إلا أن يمزج بالرقائق، والنظر في سير السلف الصالحين، فأما مجرد العلم بالحلال فليس له كبير عمل في رقة القلب، وإنما يرق القلب بذكر رقائق الأحاديث، وأخبار السلف الصالحين. . . وما أخبرتك بهذه إلا بعد معالجة وذوق فافهم هذا، وامزج طلب الفقه والحديث بمطالعة سير السلف الزهاد في الدنيا ليكون سببا في رقة قلبك.
3- الثقافة العامة:
تعتمد الثقافة العامة على شخصيتك العلمية، وسعة اطلاعك، وحبك للقراءة، وكذلك على مخالطتك للناس، وانخراطك في الحياة الاجتماعية، وعلي أسفارك وتجاربك الخاصة.
والثقافة العامة المقصودة هنا تتناول جوانب عديدة:
1 - الاطلاع على وقائع الأمة، وحاضر العالم الإسلامي، من النواحي العامة، والاقتصادية، والأخلاقية، والسياسية، والتاريخية، وما يحاك له من مؤامرات، وأبعاد الكيد والعداوة للإسلام والمسلمين، وجوانب الغزو الفكري، والثقافي والعلمي، وما يدبر للمرأة المسلمة، وللشاب المسلم، وللطفل المسلم، من مكايد ودسائس، وليس مطلوبا منك الإحاطة الكلية بما يجري في العالم الإسلامي، ولكن أن تكون على اطلاع بأهم أمراضه، وهمومه، وعلاج أدوائه.
2 – العلم قبل الحديث، فإذا تكلمت في أمر يبنغي أن تكون ملم به.
مثال: إذا تكلمت محذرا من بدعه من البدع مثلا، فينبغي أن تكون عالما بتعريف البدعة وأقسامها ومخاطرها على الأمة، قبل الحديث فيها.
إذا تحدثت عن التاريخ ينبغي أن تكون ملما بكل الحقائق التاريخية للموضوع الذي تتحدث عنه.... إلخ
فمنا من يتحدث وينكر حقائق تاريخية ثابتة وتجد من يدافع عنه ويجادل بغير علم ويجادل ويجادل ثم يجادل حتى يجادل إلى أن يجادل ثم تتركه لأنه يجادل ولا يريد أن يعلم أنه يجادل لذلك قيل:
لا تناقش السفهاء فسيستدروجونك إلى مستواهم ثم يغلبونك بخبرتهم في النقاش السفيه.
فوضح له الحقائق فإن انكرها اتركه في الوقت المناسب...
هذه رسالة سريعة وأول خطوة نحو الطريق، فحاول أن تسير على بصيرة. وتذكر دائما أنك تسير على قنطرة لتعبر إلى الآخرة والقبر صندوق العمل.
وثقافة المسلم عنصر مهم من عناصر نجاحه ، فالمسلم ذو الثقافة يعرف كيف يطرح موضوعه، وأي الموضوعات يطرح، وكيف يناقشه، ويعرف من يخاطب من الناس، وكيف يخاطبهم، ويعرف واقعه، وكيف يتعامل مع هذا الواقع، ويصوره للناس أدق تصوير ليبين مدى انسجامه مع الإسلام أو عدم انسجامه، ويجيد الربط بين ماضي أمته وحاضرها، وانطلاقتها إلى مستقبل واعد عزيز.
فالثقافة كلمة عريقة في العربية، فهي تعني صقل النفس والمنطق والفطانة، وفي القاموس: وثقف نفسه، اي صار حاذقا خفيفا فطنا، وثقفه تثقيفا اي سواه، وثقف الرمح، تعني سواه وقومه. ولطالما استعملت الثقافة في عصرنا الحديث هذا للدلالة على الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات. فالثقافة لا تعد مجموعة من الأفكار فحسب، ولكنها نظرية في السلوك مما يساعد على رسم طريق الحياة إجمالا، وبما يتمثل فيه الطابع العام الذي ينطبع عليه شعب من الشعوب، وهي الوجوه المميزة لمقومات الأمة التي تميز بها عن غيرها من الجماعات بما تقوم به من العقائد والقيم واللغة والمبادئ، والسلوك والمقدسات والقوانين والتجارب. وإجمالا فإن الثقافة هي كل مركب يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات السليمة.

 هيا بنا نبدأ معاً...   وارفع شعار: تعلم حتى لا تتألم
آدم آدم -

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال