الفقد والرحيل موت بطيء

(1)
كنت أعلم أنها مجازفة..  مجازفة غير محسوبة أن تقرر في لحظة أن تستمر الحياة كما تريد..  كما تريد أنت وكما تريد أحلامك..  وكما يريد مخزون الذاكرة المشبع بمزيج أحلام وأوهام وأوجاع..
أن ترتب أشياءك فيكون كل ما حولك جميلا..  جميلا جدا..  جميلا حد الهلع من أن يرتد إليك طرفك لحظة انتشاء على فقده..  على فراغ أصابعك منه، وأن تكون - مع بذخه وسموه - كل النهايات حوله مفتوحة..
(2)
أخبروني يوما أن إدمان النظر للسماء وللنجوم وللقمر يصيب بالعمى، أو في أحسن تقدير يصيب صاحبه برغبة صاخبة محمومة في أن يعتلي عروش السحاب، فيسرق الليل لأجل ذلك من رموشه الدموع..  فكيف لمن صادقوا الدمع وأوفى لهم أن يفرطوا في دمعة لحظة اختيار لارتقاء العروش؟؟
أخبروني أيضا أنهم قد صنعوا لكل الأحزان قواميس ترادف الموت بالفقد والرحيل والبعد..  لم يعلموا أن الموت أهون كل تلك النهايات..  أليس الموت انقطاع النفس مرة واحدة؟ والفقد والرحيل موت بطيء تخرج الروح المتقطعة فيه كالحسك الموغل في العهن المبلول؟
(3)
لم يعلموا أنك إذا ما مت ولد فيك شيء جديد، أما إذا ما فَقدت فإن كل أجزائك وكل أبعاضك وكل أنفاسك تنتفض لتعلن العصيان والتمرد..  لتضرم عليك كل جمار الأوجاع التي أهونها الوجع، وتشن عليك حملتها المسعورة في أن تنفضك منك وأن تُخْلِيك منك وأن تنزع منك بتلات روحك انتزاعا..
لا أريد أن أمتلك شيئا جميلا..  كي لا أضطر لأن أفقده ذات هزيمة..

أحلامنا التي تزهر – وصال تقة -

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال