المنبوذون في الأرض

(1)
جاء في مقدمة كتاب "المنبوذون في الأرض"لـ "جان بول سارتر" "فيلسوف الوجودية الفرنسي" قوله:
"كنَّا نُحْضِر رؤساء القبائل، وأولاد الأشراف والأثرياء والسّادة، من أفريقية وآسيا، ونطوف بهم بضعة أيّام، في أمستردام، ولندن، والنرويج، وبلجيكا، وباريس، فتتغيّر ملابسهم، ويَلْتَقطون بعض أنماط العلاقات الاجتماعيّة الجديدة، ويرتدون السّترات والسراويل. ويتعلّمون منا طريقةً جديدة في الرَّواح والْغُدُوّ، والاستقبال والاستدبار، ويتعلّمون لغاتنا، وأساليبَ رَقْصِنَا ورُكوب عربتانا، وكُنَّا نُدَبِّر لبعضهم أحياناً زواجاً من أوروبيّة، ثُمَّ نلقِّنُهُمْ أسلوبَ الحياة على أثاث جديد، وغذاء أوروبيّ، وكُنَّا نضعُ في أعماق قلوبهم الرغبة في أوروبّة بلادِنا، ثم نرسِلُهم إلى بلادهم، وأيّ بلاد؟! (مستشفى العقلاء)
(2)
لقد كانت أبوابُ بلادهم مغلقة دائماً في وجوهنا، لم نكن نجد منفذاً إليها، كُنَّا بالنسبة إليها رِجْساً ونجساً وخَنَا، كُنَّا أعداءً يخافون منا، وكأنّهم همجٌ لم يعرفوا بشراً، لكنَّا بمجرد أن أرسلنا المفكرين الذين صنعناهم إلى بلادهم، كُنّا بمجرّدِ أن نصيح من أمستردام، أو برلين، أو بلجيكا، أو باريس، قائلين: "الإخاء البشري" نرى أنّ أصواتنا يرتَدُّ من أقاصي أفريقية، أو من فجّ من الشرق، الأوسط أو الأدنى أو الأقصى، أو شمال أفريقية.
(3)
ثمّ إنّنا كنّا واثقين من أنّ هؤلاء المفكرين لا يملكون كلمةً واحدةً يقولونها غير ما وضعنا في أفواههم، ليس هذا فحسب، بل إنَّهم سُلِبُوا حق الكلام عن مواطنيهم.
(4)
هذا دور المفكّر الّذي يتشكَّل بالشَّكْل الأوروبّي، ويلْعَبُهُ في الدُّول الإسلاميّة، إنّه دور "دليل الطريق" للاستعمار في البلاد التي لم نكن نعْرفُها، أو نعرفُ لغاتها، وهو السوس الذي عمل في الشرق من أجل تثبيت موادّنا الثقافية والاقتصادية والأخلاقية والفلسفيّة والفكريّة، المسمّمة للاستعمار الغربيّ، داخل هذه الأشجار الوارفة الأصيلة.
هذا هو السوس الذي كُنَّا صنعناه وسمَّيْنَاهُ بالمفكرين، كانوا عالمين بلغاتنا، وكان قُصَارى همِّهم، ومُنْتَهى أمَلِهم، أنْ يصبحوا مثْلَنا، في حين أنَّهم أشباهُنَا، وليسوا مثلنا.
إنَّهُمْ نَخَرُوا من الداخل ثقافة أهليهم، وأديانهم القوميّة، الّتي تصنَعُ الحضارات، ونَخَرُوا مُثُلَهُم وأحاسيسهم وأفكارهم الجميلة، وأصالتَهُم الأخلاقيّة والإنسانيّة، وتحتَ أيّ شعار؟ وبأيّ اسم؟ 
باسْمِ مقاومة الخرافات، أو مكافحة الرّجعيّة.
(5)
باختصار إنها نخبة ثقافية مستغربة مغرورة ...لا هي استطاعت أن تنقل محاسن الثقافة الغربية إلى بلادنا بل نقلت اسوأ ما فيها ولا هي تمكنت من تطوير بلادها والقيام على نهضتها الحضارية ...ليست نخبة بل نكبة لم تشعر في يوم من الأيام بالفخر لانتماءها للحضارة العربية ولا حتى لارضها ولم ولن تتمكن من الإندماج في الحضارة الغربية فأصبحت مسخا ....وستظل مسخا
المشكلة فيمن تأثروا بهم ورأوا في شخصياتهم نماذج يسعون دوما لتقليدها !!!
بئست البضاعة وبئس المشترون لها !!

أجنحة المكر الثلاثة  وزاد عليه + محمود صقر - مستشفى العقلاء

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال