علاقة الانسان بورقة النتيجة

فى كل صباح يمر بالإنسان تمتد يده إلى النتيجة المعلقة على الحائط ينزع منها ورقة تدل على أمسه فيمزقها غير عابئ بما حدث منه فيه، ويحملق فى ورقة اليوم طامعًا تحقيق ما يصبو إليه من أهداف دنيوية..
يفعل ذلك وهو غافل عما تخبئه الأقدار وعن عدة حقائق تشير إليها هذه الأوراق..  

-1-
إنه يفرح بتمزيقها مع أن كل ورقة تمثل جزءًا من عمره، وسقوطها يبعده عن الحياة ويقربه من حافة القبر من حيث إن الأجل محدد، يقول الشاعر:
دقــــات قلـــب المـــرء قـائلة له *** إن الحياة دقائق وثوان
ويقول الآخر:
يسر المرء ما ذهب الليالى *** وكــــان ذهـابهن له ذهـابـا
-2-
الورقة التى مزقها ظانَّا أنها همّ زال، وأن ما بعدها فرح وسعادة، وتحقيق آمال عراض، فى يسر وسهولة اكتسبها من تجارب الماضى..  قد تحمل معها أثقالا وعقبات، فإذا به فى المستقبل يفاجأ بهموم وعقبات جديدة لم تخطر على باله ولن ينفعه فى تخطيها ما مر به من أحداث وما تخلص به من حيل إزاءها حتى مرت بسلام..  ثم هو لا يدرى موعد الفراق حين تتهاوى الآمال على صخرة الآجال.. ويبدأ الحساب على ما فات بدءا من حياة البرزخ وانتهاء إلى جنة أو نار  (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)  (نوح : 4).
-3-


أنه لو كان يعقل أو يسمع لوازن بين مكاسب الدنيا وزخارفها التى يتنافس الناس فيها تنافسا غير شريف فتطل برأسها سنة التدافع والصراع، مما يؤدى إلى تلك الهموم والشقاق والكيد والخصام وبين ما يدخره الله لمن اختار التنافس فى أعمال الخير وطرق الرضوان وسبل الجنة، فيحبه الناس ويعيش آمنا من الهموم معتمدا على الحى القيوم فينام قرير العين ويسابق فى اكتساب الفضائل كما قال رب العزة طالبا من خِلقه:  (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)  (الحديد: 21)... 
غير أن هذه المسابقة أيضا لا تخلو من معاناة ومشقات فليتحملها صابرا محتسبا، فما نزلت بأحد نازلة إلا بقدر للابتلاء والاختبار، ومن هنا كانت الآية التى تعقب طلب المسابقة تقول:  (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَلا فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مِن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)  (الحديد: 22)..
حقًا إن الصبر على البلاء والشكر على النعماء يقى الإنسان مصارع السوء وصعوبة الحياة (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرا ً) (الطلاق: 4)   وأخذ العبرة من أحداث الماضى يساعد المرء على اتقاء ما يأتى به الله فى المستقبل مما يكره  (وَعَسى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)  (البقرة: 216)..
فتأمل 20 فبراير، 2015

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال