التهرب من أسئلة الطفل يؤثر فى حياته النفسية

(1)
حين يتقدم الطفل فى السن يبدأ فى ملاحظة الفروق بين مختلف الناس ذكورًا وإناثًا كبارًا وصغارًا، ويدقق فى الفحص عن أوجه الشبه، فيسأل أسئلة تتعلق بمنشئه ومنشأ إخوته ومنشأ والديه، وغير ذلك من الأسئلة الكثيرة، وتفضل بعض الأمهات عدم الإجابة على تلك الأسئلة معتقدة أنه صغير جدًا ولا تريد أن تفتح عينيه على مثل تلك الأمور الآن، وقد تنهره وتزجره بشدة لإلقائه مثل تلك الأسئلة، وقد تعلم الأم ضرورة الإجابة على أسئلة طفلها ولكنها تكذب عليه وتقدم له إجابات غير صحيحة.
(2)
ويرى علماء النفس أن التزام الصمت من جانب الأم إزاء أسئلة طفلها له نتائج سلبية، بل إن التجارب والفحوص العملية أثبتت أن التهرب من أسئلة الطفل يتركه نهبًا لصراعات فكرية تؤثر فى حياته النفسية بشكل أو بآخر؛ فعندما يبدأ الطفل أسئلته يلزم أن يجاب عليها فى حينها بما يلائم مقدرة الطفل على الفهم ويجب أن تكون الإجابة صحيحة هادئة تلونها الروح العلمية الخالصة.
(3)
ويجب أن يكون الجواب بالصدق مع استعمال المجاز والتلميح والإيحاء، كأن يسأل الطفل مثلاً كيف وجدت فى هذه الدنيا فتقولين بصورة مختصرة خرجت من بطن أمك وتوجهينه إلى القرآن الكريم فتقرأين عليه قوله تعالى فى سورة النحل {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم} وقد لا يكتفى الطفل بهذا الجواب فيقول: وكيف نشأت فى بطن أمي؟ فيمكن أن تقولى له «إن الله عز وجل خالق الإنسان يجعله فى بطن أمه فيكبر حتى يصير طفلاً فيخرج» وتوجهيه إلى القرآن الكريم ثم تقرأين عليه ما ورد بهذا المعنى فى سورة «المؤمنون» «وهكذا تجيبين على أسئلته بالتلميح والاختصار وتوجيهه إلى القرآن الكريم ليرتبط به فيفهم تلك الأمور فهمًا عقديًا أخلاقيًا عن طريق القرآن والحديث، ولا يجوز الكذب على الطفل لأن من خلق المؤمن الصدق ففى الحديث الصحيح أن امرأة قالت لطفلها «تعال أعطك» فنظر النبى صلى الله عليه وسلم فى يدها فوجد تمرة فقال «لو لم تكن هذه التمرة لـ«كتبت عليك كذبة».
(4)
وقد أثبتت الدراسات والبحوث التربوية أن الطفل وإن بدا عليه التصديق فإنه فى الغالب ينتابه الشك أنه ضلل بطريقة أو بأخري، وإن زجر الطفل أو نهره يكسبه الشعور بالذنب دون أن يدرى ما اقترف من جرم مما يعرضه للازدارء، والبعد عن الحياة الاجتماعية وقد ورد فى الأثر «علموا ولا تعنفوا ولا تكونوا جبابرة» والأهم من الإجابة هو الطريقة التى تجيبينه بها، فإذا كنت تتلعثمين وتخجلين فإن لهجتك ستوحى للطفل أن تساؤلاته غير لائقة مما قد يطبع فى نفسه فكرة الإثم والذنب فينزوى بنفسه أو يحاول معرفة الإجابة من أقرانه أو من مستويات هابطة فى العلم فتعطيه معلومات قد تضره نفسيًا أو على الأقل تضلله علميًا.


وفاء سعداوي

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال