الإسلام.. يقود العالم في القرن الـ 21

الإسلام قوة الغد العالمية 
كثيرٌ هم أولئك الذين تأثروا بالمظاهر الخارجية للحضارة الغربية، وأخذوا يدعوننا إلى السير فى فلكها ندور معها حيث دارت إذا أردنا لأنفسنا الرخاء والتقدم والرفاهية والتخلص من التخلف والرجعية، دون إمعان النظر فى أثر تلك الحضارة على الإنسان الغربى نفسه، وعلى البشرية كلها من ورائه حين تولى هو قيادتها وفقاً لمعايير حضارته.
فقال أحدهم: «علينا أن نختار إحدى الطريقتين؛ إما أن نقبل الحضارة الغربية، وإما أن نظل مُسْتُعْبَدين لقوى الغرب»، وقال غيره: «يجب أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقتهم لنكون لهم أندادا، ولنكون لهم شركاء فى الحضارة خيرها وشرها حلوها ومرها، وما يُحَبُّ منها وما يُكْره، وما يُحمَد منها وما يُعَاب.. وويل لنا إذا لم ننتهز هذه الفرصة ولم ننتفع بهذا االتوفيق».
ويوجد من هولاء الكثير من دعاة «التنوير» أو «التقليد» فى العالم العربى والإسلامى تجدهم دون عناء فى إندونيسيا كما فى المغرب وفى نيجيريا كما فى عدن، وفى تونس كما فى بنجلاديش، يريدون جميعا أن يقنعوا العالم العربى والإسلامى بحقيقة واحدة.. إما الثقافة الأوروبية وإما الفناء). 
(1) تربية غربية
وهؤلاء وأمثالهم نماذج حرص الاستعمار الغربى منذ زمن مبكر على استيرادها من العالم الإسلامى؛ ليتم إعدادها وتكوينها بما يوافق أهدافه ثم إعادة تصديرها مُغَرَّبة إليه من جديد؛ ليقوموا بما عجز هو عن القيام به مباشرة، وهذه السياسة بدأها نابليون بونابرت حين أرسل إلى الجنرال كليبر ـ خليفته على مصر أيام الحملة الفرنسية ـ رسالة هذا نصها: «اجتهد فى جمع 500 أو 600 شخص من المماليك، حتى متى لاحت السفن الفرنسية تقبض عليهم فى الأرياف أو القاهرة وتسفرهم إلى فرنسا، وإذا لم تجد عددا كافيا من المماليك فاستعض عنهم برهائن من العرب ومشايخ البلدان، فإذا ما وصل هؤلاء إلى فرنسا يحجزون مدة سنة أو سنتين يشاهدون فى أثنائها عظمة الأمة الفرنسية، ويعتادون على تقاليدنا ولغتنا، وحين يعودون إلى مصر يكون لنا منهم حزب يُضم إليه غيرهم...».
(2) جاهل بالتاريخ
فلا عجب إذن أن يأتى رئيس وزراء إيطاليا (بيرلسكونى) ليعلن أن الإسلام هو رمز التخلف والرجعية والجمود وتناسى هو وغيره ما أثبته التاريخ من قيادة الحضارة الإسلامية للبشرية فى عصور الجهل والتخلف والظلام الأوروبى.. العصور الوسطى، التى سيطر فيها الجهل والفقر والمرض والصراعات على دول العالم الغربى، وبقيت لهم نافذة يطلون منها على الحضارة والنور عبر المسلمين فى الأندلس وصقلية.
(3) إقرار المنصفين من المستشرقين
وقد ألف العلامة الفرنسى د. غوستاف لوبون (1884م) سِفْرا كبيرا بعنوان «حضارة العرب» يثبت فيه فضل العلماء المسلمين وأثرهم على النهضة الأوروبية حتى القرن التاسع عشر، وقال فى خاتمة الكتاب مُلَخصِّاً محتوياته ما نصه: «لقد تم الكتاب ولنلخصه فى بضع كلمات فنقول: إن الأمم التى فاقت العرب َتمَدُّناً قليلة للغاية وإناَّ لا نذكر أمة كالعرب حققت من المبتكرات العظيمة فى وقت قصير مثلما حققوا، وإن العرب أقاموا دينا من أقوى الأديان التى سادت العالم، أقاموا دينا لايزال تأثيره أشد حيوية من أى دين آخر، وإنهم أنشأوا ـ من الناحية السياسية ـ دولة من أعظم الدول التى عرفها التاريخ، وإنهم مدَّنوا أوروبا ثقافة وأخلاقاً، فالعروق التى سمت سُمُوَّ العرب وهبطت هبوطهم نادرة، ولم يظهر كالعرب عِرْق يصلح أن يكون مثالاً بارزاً لتأثير العوامل التى تهيمن على قيام الدول وعظمتها وانحطاطها».
ويقول ريتشارد نيكسون رئيس الولايات المتحدة الأسبق فى كتابه Sizethe moment ما يلى:
«بينما ذَبُلَتْ أوروبا فى العصور الوسطى تمتعت الحضارة الإسلامية بعصرها الذهبى، وقد أسهم الإسلام بمجهودات هائلة فى مجال العلوم فى الطب والفلسفة، وقد لاحظ (ول ديورانت) ذلك، فذكر أن الإنجازات الهامة فى كل الميادين تحققت على يد مسلمى هذه الفترة، وكان ابن سينا أعظم الكتاب فى الطب، والرازى أعظم طبيب، والبيرونى أعظم جغرافى، وابن الهيثم أعظم صانع للآلات البصرية، وجابر بن حيان أعظم كيميائى، وأخيرا كان جابر من أعظم الفلاسفة، وكان العلماء العرب أصحاب فاعلية فى تطوير الفكرة العلمية وذكر (ول ديورانت) أن الرجال العظام الذين حملوا عبء النهضة الأوروبية استطاعوا ذلك لأنهم وقفوا على أكتاف العمالقة المسلمين».
وألقى الأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا محاضرة أمام مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية سنة 1993، ثم ألقى محاضرة مماثلة سنة 1996 ترجمها د. محجوب عمر فى كتابه «الإسلام والغرب» جاء فيها: «إن هناك قدرا من الجهل بالفضل الذى تدين به حضارتنا وثقافتنا للعالم الإسلامى. فالعالم الإسلامى كان عالماً ازدهر فيه الباحثون والمتخصصون ورجال العلم، لكننا جنحنا إلى تجاهل ذلك، وقللنا من أهمية 800 سنة كانت أوروبا خلالها عالةً على أسبانيا الإسلامية، التى حافظت على العلوم والمعارف خلال عصور الظلام، فوضعت الثقافة الإسلامية بالأندلس أساس اللبنات الأولى للنهضة الأوروبية». والأقوال فى هذا متواترة وليس المقام الآن لتفصيلها.
لقد نسوا ذلك أو تناسوه، وراحوا يدعون العالم الإسلامى إلى قبول «البديل الحضارى» للحضارة الإسلامية وهو الحضارة الغربية وما تنعم به من مقومات؛ حين ننظر فيها لا نجد - مع التقدم المادى - إلا عبادة المال، ومحاربة الأديان، وتشجيع الإلحاد، والإنحلال الخلقى، والإنفلات الجنسى، وشيوع الرغبة المجنونة، ونزعة العنف، وشهوة السيطرة والاستعمار، والانتحار، وإدمان الخمور والمخدرات، والقلق النفسى والتوتر العصبى، والتفسخ الأسرى، والتفرقة العنصرية، والتضليل الإعلامى، والاستبداد السياسى، والوصولية، والتملق...... إلخ.
(4) الفناء المنتظر
إنها حضارة تحكم على نفسها بالفناء حين حاربت كل المعانى الروحية لدى الإنسان، لقد جردت الإنسان من إنسانيته حين أنسته غاية وجوده ودوره فى الحياة، وأغرقته فى عبادة المادة والشهوات «وتقف الحضارة الغربية اليوم كالطائر الذى يرف بجناح واحد جبار، بينما جناحه الآخر مهيض، فيرتقى فى الإبداع المادى بقدر ما يرتكس فى المعنى الإنسانى، ويعانى من الأمراض النفسيية والعصبية والقلق والحيرة ما يصرخ منه العقلاء هناك، لولا أنهم لا يهتدون إلى منهج الله وهو وحده العلاج والدواء، ومهما بلغ التقدم المادى والتكنولوجى إلى ذروته فيبقى أن «الإنسان» هو صانع الحضارة وحارسها، وستسقط تلك الحضارة بسقوط ذلك الإنسان لا محالة، والمسألة مسألة وقت لا أكثر. يقول جوى ديوى «إن الحضارة التى تسمح للعلم بتحطيم الأخلاق لهى حضارة تدمر نفسها بنفسها» وقد حطمت أوروبا كل قواعد الأخلاق، ومسحت المثل الإنسانية العليا، وشوهت عقلية الإنسان، وجردته من كل مقومات الإنسانية الحقيقية، ولم يعد لدى العالم الغربى من «القيم» ما يقنع ضميره باستحقاقه للوجود فضلا عن قيادة البشرية!
(5) صراع جديد
ولو صح ما يقال بأن القرن الحادى والعشرين سيشهد صراعاً من نوع جديد هو «صراع الحضارات» كما أعلن هانتجتون عام 1993 ثم أعاد ذلك الإعلان سنة 1995، وتبعه برنارد لويس فى «صراع الثقافات» وانتهى كل منهما إلى الجزم بأن العالم الإسلامى والحضارة الإسلامية هما العدو الأول والتحدى الأكبر الذى ستواجهه الولايات المتحدة والعالم الغربى فى القرن القادم - لو صح - فإننا نجزم بأن الحضارة الغربية قد دخلت هذا الصراع وهى أشبه ما يكون برجل أنهكته الأمراض وتكالبت عليه الأدواء، ولا يستطيع أن «يتماسك» فضلا عن أن «يصارع» غيره - خاصة لو كان ذلك الغير هو الحضارة الإسلامية التى حفظتها تعاليم الإسلام من ذلك كله، وأثبت التاريخ قدرتها وجدارتها بالقيادة الحضارية للبشرية، وهذا ما يرعب أعداء الإسلام، خاصة بعد هذه الصحوة الإسلامية المتنامية فى العالم الإسلامى.
يقول «جونشالك» الألمانى فى كتابه «الإسلام قوة عالمية متحركة»: «إن الحضارة التى ترتبط أجزاؤها برباط متين، وتتماسك أطرافها تماسكا قويا، وتحمل فى طياتها عقيدة مثل الإسلام.. لا ينتظرها مستقبل باهر فحسب، بل ستكون خطراً على من يناصبها العداء»ومثل ذلك نقله باول سمنز فى كتابه «الإسلام قوة الغد العالمية» عن أحد مفكرى الإنجليز، وهو يحذر من اليقظة الإسلامية، ومن تعويض الشرق الإسلامى ما فاته فى مجال التكنولوجيا قائلا: «لا يساورنى شك فى أن الحضارة التى ترتبط أجزاؤها برباط متين، وتتمساك أطرافها تماسكا قويا وتحمل فى طياتها عقيدة مثل الإسلام يكون لها النصر فى النهاية... وإذا كان المسلمون قد تخلفوا فى التكنولوجيا فإنهم يستطيعون تدارك ذلك، ولكن فى مقابل هذا سيكون من الصعب علينا استعادة أو إحياء التعاليم الروحية تلك التى فقدتها المسيحية ولكن الإسلام حافظ عليها».
(6) لابد من عودة الإسلام
ثم قال: «وسيعيد التاريخ نفسه نحو الشرق عوداً على بدء، من المنطقة التى قامت فيها القوة العالمية الإسلامية فى الصدر الأول للإسلام، وستظهر القوة التى تكمن فى تماسك الإسلام ووحدته العسكرية».
ويقول جورج سارتون: «سبق للعرب أن قادوا العالم فى مرحلتين طويلتين من مراحل التقدم الإنسانى، استمرت الأولى ألفى سنة على الأقل أيام اليونان، وعاشت الثانية طوال أربعة قرون تقريبا أيام العصور الوسطى.. وليس من المستبعد أن يقود العرب العالم مرة أخرى فى المستقبل القريب أو البعيد».
وريتشارد نيكسون ـ رغم عدائه للإسلام، وطعنه المستمر فى المسلمين والتحريض عليهم ـ يقر بذلك ويعترف به. فيقول فى كتابه سالف الذكر: «إن تلك الإنجازات التى حققها المسلمون الأوائل تشير إلى ما يمكن أن يحققوه فى المستقبل إذا أمكن وقف الصراع بهذه المنطقة».
إن قيادة العالم الإسلامى والحضارة الإسلامية للبشرية بمنهج الإسلام هو الأمل الوحيد والرجاء الأخير فى إنقاذ البشرية من تلك الهوة السحيقة التٍى تَردَّت إليها فى ظل القيادة الأوروبية شرقية كانت أوغربية، وكما يقول د. مصطفى السباعى: ليس هنالك من يستطيع القيام بالدور الحضارى المرتقب إلا أمة واحدة هى أمتنا، ولن يستطيع حمل لواء الغد غيرنا» إن شاء الله.. 
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(32)هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} «التوبة».

أبوبكر محمد خضر –

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال