دولة الدراويش في مصر.. ماذا تعرف عنها؟!

(1)
كتاب "السيد البدوي ودولة الدراويش في مصر".. للأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف.. كتاب ماتع.. صدرت طبعته الأولى سنة 1948، والثانية سنة 1979م.
يتتبع حياة البدوي وتأثيره - والصوفية عامة - في النسيج الاجتماعي.. ويوضح كيف جعل الصوفيةُ أنفسَهم "مركز الدائرة وأقطابها للاعتقاد الديني عند العامة؛ ومن ثم، كان الاعتقاد في كرامات الشيوخ ومنافعهم أقوى مظهر يسود الحياة الدينية للبيئات الشعبية، بل للمجتمع بأسره".
كما تطرق الكتاب لتأثير الخرافات والفهم الخاطئ للعبادة وللتوكل، في المجتمع... وقال: "لا شك أن هذا الشعور كان له أسوأ الأثر في المجتمع المصري، وفي الإضرار بالعقيدة الإسلامية الأصيلة".
(2)
وما تركه ‏الصوفية في الحياة الاجتماعية من تزيين حياة الفقر للناس، والصبر على كل مكروه، والإذعان لكل ما ينالهم من الحكام المتجبرين.. هو السبب في عدم قيام ‏ثورات اجتماعية تطالب بإصلاح الطبقات، وتدعو إلى حياة راقية مهذبة تليق بالجماعات والأفراد.
وقد دل البحث على أن حالة الفلاح الفرنسي الذي قام بـ ‏الثورة الفرنسية كانت أسعد بكثير من حال من الفلاح المصري."

 (3)
فيما كان بطرس الناسك يقضي ليله ونهاره في إعداد الخطب وتحبير الرسائل؛ لحث ملوك أوروبا على امتلاك أقطار المسلمين..
كان "الأولياء" القابعون في مراقدهم، يمسكون بالمشاعر العامة، ويأبون لها أن تتحرك إلا حركة الموت..
وغرس أرباب الدروشة في نفوس الناس أن بركات الأولياء كافية لحفظ البلاد من كل بلاء، وأن "الأقطاب" قد اقتسموا الأرض فيما بينهم، وأخذ كل منهم لنفسه منطقة يرعاها ويتولى شئونها..
(4)
أولئك الشيوخ والدراويش كانوا يقفون دائمًا في الناحية السلبية عند الثورات الوطنية والنهضات القومية.. ففي الثورة العرابية وفي الثورة المصرية وفي كل حركة سياسية أو معركة وطنية، لا نجد لهم أثرًا يذكر؛ وما كانوا يظهرون إلا في موالدهم ومواكبهم بأعلامهم ودفوفهم..
وهيهات شأن هؤلاء من الموقف الخالد الذي وقفه أبناء الأزهر في الثورة المصرية.. أو من الموقف العظيم الذي وقفه السيد السنوسي الكبير، ذلك الذي شرع طريقة في التصوف على أساس الفكرة الإسلامية الصحيحة.. وإن مواقفه في وجه الاستعمار ومناضلة الإيطاليين لمن أروع مواقف الجهاد في تاريخ الإسلام.
 (5)
وعندي أن بقاء دولة الدراويش بطقوسها ورسومها سيظل حجر عثرة في سبيل كل إصلاح وكل نهوض".
 (6)
وإن من الواجب دينيًا واجتماعيًا أن تبادر على الحكومة فتحصر الأوقاف المحبوسة على سكان الأضرحة والقباب العالية وعلى خلفاء المشايخ ودراويشهم، وأن تستولي على جميع ما يتحصل من صناديق النذور، وتستغل ذلك كله في بناء المستشفيات وملاجئ وإقامة مصانع ومنشآت خيرية لنفع الفقراء وترقية حياتهم الاجتماعية.
وأن تعتبر جمع النذور والعوائد باسم التصوف ضربًا من ضروب التسول، وعملاً يعاقب عليه القانون.
 (7)
من يوم أن خرج هؤلاء الدراويش والشيوخ بالتصوف عن طريقته في القرن السادس للهجرة، وابتدأوا يجعلونه نظامًا له طقوسه ومراسيمه وأعلامه وشاراته، على ما هو معهود في نظام الرهبنة؛ انتقل التصوف من عالم التجرد والحقائق إلى عالم الكسب والارتزاق؛ وصار حرفة يحترفها أصحابها؛ للعيش، ولطلب الدنيا، ولكسب المماثلة بين الناس.

مستشفى العقلاء - كتاب السيد البدوي ودولة الدراويش في مصر - بتصرف يسير - سنونسي محمد أبو عمار

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال