العرب أم العجم أفضل؟! اتهامات مغلوطة

على مائدة الحوار طرح سؤال: هل العرب أفضل أم العجم؟ فجلس مؤيدو العرب على اليمين ومؤيو العجم على اليسار وجلست في المنتصف لإدارة الحوار وأعلنت عن بدء الحوار وتبادلا أطراف الحديث وكالعادة هاجم كل طرف الآخر ولم يجدوا حلولا وسطى للتفاهم ولم يخرج المستمعون للحوار بإجابة على السؤال؟ هل العرب أفضل أم العجم؟

العرب كاذبون:

فمؤيدو العجم قالوا: إن العربي المسلم منافق كاذب أسود القلب يستعرض قوته وهو بلا قوة، متوكل حاقد فهل هم محقون؟!.

ومؤيدو العرب دافعوا عن العرب بكل جساره وذكروا مناقبهم فهل هم أيضا محقون ؟!.

وكان هناك طرف ثالث وهم قلة اعترضوا باقتضاب على السؤال.

وأثناء الحوار لم يشعر أحد بوجودي رغم أن دوري الرئيسي هو إدارة الحوار بين الطرفين، ورغم أن مخرج البرنامج كان من حين لآخر يطلب مني إدارة الحوار إلا أنني رفضت ذلك وتركت الطرفين يتحاوران كما يشاءان.

وأثناء الحوار كنت شاردا أفكر في السؤال ووصلت لنتيجة وهي أن السؤال خطأ من الأساس فكيف يبنى حوار على قاعدة خطأ أو منهج خاطئ. مستشفى العقلاء

وبعد انتهاء الحوار قال لي المخرج بصوت عال: يا آدم لماذا لم تدر الحوار بالشكل المطلوب وتتدخل في الوقت المناسب. وهنا انتبه لي المشاركون في الحوار وقالوا لي: ما رأيك؟

صدمة:

فكانت الصدمة بالنسبة لهم عندما ذكرت لهم النتيجة التي توصلت إليها وهي أن السؤال خطأ يا سادة وبنظرة ساخرة قالوا لي كيف ذلك؟ 

قلت لهم: كان الأجدر أن يكون السؤال: من الإنسان الأفضل؟ سواء كان عربيا أو أعجميا أو حتى من الصم والبكم.

فالقياس خطأ يا سادة ما الفرق بين العربي والأعجمي فالإنسان هو الإنسان سواء كان عربيا أو أعجميا فهو غير كامل ولايخلو من العيوب وهناك صراع دائما بين الخير والشر بداخله. مستشفى العقلاء

وسقت لهم مثالا فقلت لهم: إن لم تقم الأم بفطم ابنها سيظل يرضع طوال عمره (والنفس كالطفل ان تهمله شب على حب الرضاع والنفس كالطفل ان تهمله شبّ على حب الرضاع وان تفطمه ينفطم). فهل هذا يسير على العربي ولا يسير على الأعجمي وهل إذا أطلق أحدهم رصاصة على عربي لن يموت وإذا أطلقها على أعجمي سيموت. يا سادة: البشر مشتركون في صفاتهم في الخير والشر سواء كانوا عربا أو عجما صفاتهم وخصائصهم واحدة والصراع بين الخير والشر لا يختلف بينهما فهل العربي مرتش والأعجمي لا... فهل العربي قاتل والأعجمي لا... وهل العربي كريم والأعجمي لا... إلخ.

الإنسان على ما تربى وتعلم واكتسب من الصفات:

والشاهد من هذا أن الإنسان إذا تعلم الخير وقاوم الشر الذي بداخله واكتسب صفات حميدة مثل: الكرم والإيثار وحب الخير والبذل والعطاء... إلخ وانتصر الخير على الشر بداخله فهو الأفضل.

وإن اكتسب صفات سيئة مثل: الجشع والكراهية وحب الشر والبخل وانتصر الشر الذي بداخله على الخير فهو الأسوء. مستشفى العقلاء

فالإنسان في صراع دائما حتى يميز الله الخبيث من الطيب ويمحص الناس سواء كانوا عربا أو عجما ففي النهاية الله سبحانه وتعالى سيحاسب الإنسان أيا كان نوعه بمعيار واحد.

سؤال عجيب من الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: «أَتْقَاهُمْ»

فكان السؤال أكرم الناس؟ وليس من الأكرم العرب أم العجم. فالسؤال عن الإنسان بصفة عامة والإجابة كانت عامة. فالإسلام لا يفرق بين النوع والجنس والشكل.

الإسلام يعرف الإنسان ويخاطب الناس جميعا لأن الناس أمام الله سواسية كأسنان المشط لا فرق بين أعجمي ولا عربي إلا بالتقوى. وهذه الجاهلية والنعرات الطائفية والتي تفرق ولا تجمع حاربها الإسلام فالحمد لله على نعمة الإسلام. مستشفى العقلاء

يجب أن نتعاون:

ثم قلت لهم يا سادة يجب أن نتعاون فيما بيننا لنعيد هذا المجد للإنسان فلا خير فينا إن كان الإسلام يدعونا لذلك ونحن نتناحر فيما بيننا ويخسر كل منا الآخر لأمور سهل علاجها لا نريد أن نزيد البعد وتزداد الفجوة والكراهية والبغضاء بيننا وتُزيد كل فئة على الأخرى في أمور قد عالجها الإسلام قبل آلاف السنين نريد أن ننتصر على أنفسنا.

فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوها فإنها منتنة». وأصل هذه الحكاية يرويها لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصارا! وقال المهاجري: يا للمهاجرينا! فسمعها الله رسوله قال: «ما هذا» ؟ فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوها فإنها منتنة» وهذا أمر صريح بترك النداء بالقومية فهي العصبية بعينها.

وتذكر دائما أيها الإنسان المتعصب لفئة أو جنس من الناس:

أن الله رب الناس ملك الناس إله الناس وليس رب فئة واحدة، أو عنصر واحد، أو مجموعة بشرية واحدة! وبذلك حطم الإسلام الحواجز التي كانت قائمة بين الأجناس والأعراق والأنساب. مستشفى العقلاء

والناس يشبهون المعادن من حيث اختلاف جواهرها نفاسة وخساسة. فإن قابلت الخسيس من قوم أو فئة فلا تعمم وإن وجدت النفيس فلا تعمم. فالإنسان فيه الخير والشر فحاول أن تساعد أخاك الإنسان على الخير وتمنعه من الشر، يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف به عنه كربةً أو يقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولئن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن اعتكف في هذا المسجد (يعني: المسجد النبوي) شهرًا ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له، أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل». مستشفى العقلاء

وقال أيضا: «المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف، ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس» فهذا هو الإسلام.

وختاما مع خطبة الوداع:  مستشفى العقلاء

ففي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض، إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب». وهنا أكرر قوله صلى الله عليه وسلم قال الناس من آدم ولم يقل العرب من آدم أو العجم من آدم.

واختتم بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» سورة الحجرات الأية 13.

 اللهم وفقنا لكل خير ووفقنا لمكارم الأخلاق وجمعنا ولا تفرقنا وطهر قلوبنا ونفوسنا وأزل الحقد والحسد والبغضاء من قلوبنا وانصرنا على شرور أنفسنا واجعلنا إخوة متحابين فيك ووفقنا لفهم صحيح الدين. «آمين».

آدم آدم - مستشفى العقلاء

قد يعبجك: العصبيات القبلية والوطنية