المسلم بين السأم واليأس والملل

سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات
(1)
المسلم عادة إن عاش تحت ظل الإسلام فإنه لا يتسرب إلى نفسه يأس أو ملل أو سأم من الحياة فكل دقيقة يعيشها لكأنها تمديد ووقت إضافي لزمن الإمتحان فيجيب بشكل أدق ويغطي مساحة كل الأسئلة في ورقة الإمتحان.
أما اليوم  وفي العصر الجاهلي الثاني وفي عصر الزيف الفاقع والمخفي فما أكثر أن يجلس أحدنا صامتا وقد سئم الحياة
ملّ كل شيء وزهد في كل شيء.
بل تأتي لحظات على المسلم لا يرغب فيها أن يقرأ شيئا أو يسمع شيئا أو يرى شيئا أو يقول شيئا أو يكتب شيئا.
هذه لحظات تمر في نفس المسلم لا يرغب فيها بشيء من الدنيا
بسبب غثائية العيش وزيفه وندرة الرقي في ظهوره.
حتى الطالب في جامعته أو مدرسته يمر بلحظات يمل فيها الدراسة والمدرسة والجامعة يمل فيها أستاذه ومدرسَّه يملّ فيها كتابه وأوراقه  يملّ فيها كل الزيف وكل تمثيل  يرغب بالخروج من عالم الزيف إلى عالم الحقيقة ويرغب أن يصرخ حتى يُسمِع الكونَ صراخه.
وكذلك المدرس في مدرسته والأستاذ في جامعته والعامل في مصلحته والتاجر في تجارته.
(2)
لكأن المسلم في تلك اللحظات ينتظر ملَكا مرسلا يخطفه فيرفعه إلى الملأ الأعلى يجول به في العالم العلويّ الآخر.
فيقابل خاتم الرسل عليه السلام فيخبر سيد البشر بحال المسلمين وكيف أساءوا اليوم فهم الإسلام وكيف استبدلوا نظام الإسلام بالنظام الغربي.
وكيف تحالف الصليبيون والشيعة والعلمانيون "كفار قريش الجدد" تحالفوا جميعا على قتال الاسلام وأهله.
وكيف يعيث بنو قريظة ويهود خيبر في قبلة المسلمين الأولى فسادا يقابل هناك عمر الفاروق رضوان الله عليه فيخبره أن العراق عادت تحت سيطرة الفرس وأن بيت المقدس ومسرى رسول الله الذي فُتح في عهده أصبح بيد يهود وأن أرض الكنانة يعجُّ العهر والجرأة على دين الله في جنباتها .
يقابل عليا رضوان الله عليه فيخبره أن أتباع اليهودي عبد الله بن سبأ قد اتخذوه إلها وأن أتباع عبد الله بن سبأ يتخذون اسمه واسم ابنه الحسين رضوان الله عليهم حجة ليذبحوا الأطفال والنساء والشيوخ من المسلمين في سوريا والعراق.
(3)
يقابل محمد الفاتح رضوان الله عليه فيخبره أن عاصمة هرقل التي فتحها أصبحت عاصمة وكعبة الديموقراطية الغربية بعمامة اسلامية.
يقابل سيد قطب رضوان الله عليه ويخبره أن بعد عبد الناصر الذي أعدمه خرج كلاب مسعورة من كل صنف في أرض الكنانة.
يرغب أحدنا أن يطوف بِهِ الملَك فيريه جهنم فيرى فيها كل من خان هذه الأمة وكل من ذبح أطفال الأمة واغتصب نسائها يرى فيها كل من أتى بالصليبيين والتتار واليهود إلى أرض الإسلام يرى فيها كل تجار الدين ومن حرَّفوا في دين الله.
يرغب أحدنا أن يأخذه الملَك إلى مستقبل هذه الأمة إلى يوم قيام دولة الإسلام إلى يوم فتح بيت المقدس إلى يوم فتح روميا (روما).
ما أصعب الحياة وأثقلها على النفس في عصر الهبوط للأمة منذ أن وعى أحدنا على هذه الدنيا والسكاكين تغرس في خاصرته
هزيمة تتلو هزيمة وتمزق يتلوه تمزق وفقر يتلوه فقر وذل يتلوه ذل
وتنبلةٌ وتياسة لا يشبهها تياسة إلا الجنون وسيف المسلم في جسد المسلم.
الشاب المسلم أصبح همه أن يستر حاله ما عادت الثريَّا في السماء غاية يرغب أن يصلها بل لقمة الخبز والستر.
وأصعب من هذا كله على نفس المسلم هو استبدال نظام الإسلام والإتيان بالنظام الغربية المخالفة لشرع الله والتأصيل لذلك وجعل الأمر شرعيا.
(4)
لحظات تمر في خاطر المسلم يرغب فيها بخلع نفسه من نفسه وتوديع صحبة العصر الحاضر بكل لوثاته ومآسيه إلى جوار الخالق.
لكن هذه اللحظات قصيرة في زمنها مع أنها ثقيلة على نفس من يعيشها ثم يعود المسلم وإذا بوعي نفسه يذكره فيها بوعد الله لهذه الأمة على لسان رسول الله عليه السلام:
"لتفتحن عاصمة هرقل وروميا. أيهما أول يا رسول الله؟ عاصمة هرقل(استانبول) "سيكون هذا الأمر في المدينة ثم سيكون في العراق ثم سيكون في الشام ثم..... ثم ستكون ببيت المقدس فثَمَّ عقر دارها فثم عقر دارها".
"تكون فتنة بالشام كان أولها لعب الصبيان تطفو من جانب، وتسكن من جانب، فلا تتناهى حتى ينادي مناد إن الأمير فلان .ذاكم الأمير حقا، ذاكم الأمير حقا".
"تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"
وصدق رب العزة في كتابه: "إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ". 
نسأله تعالى أن يعجل بفرجه لأمتنا، وأن ينصر كل من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا

د. رشدي خليل 

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال